ينتظر أن تكون الإمارات، أول دولة عربية تُدرس “الهولوكوست” في مدارسها، في خطوة “تاريخية”، بحسب شبكة “سي إن إن”.
وتخطط الإمارات لإدراج الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها ملايين اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، في المناهج الدراسية للمدارس الابتدائية والثانوية، وذلك حسبما أعلنت سفارة أبوظبي في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي.
In the wake of the historic #AbrahamAccords, 🇦🇪 will now include the Holocaust in the curriculum for primary and secondary schools.
“Memorializing the victims of the Holocaust is crucial,” said Ali Al Nuaimi, one of the Emirati brokers of the Accords. https://t.co/itP6WlX8j5
— UAE Embassy US (@UAEEmbassyUS) January 5, 2023
وتقول الإمارات إنها ستعمل مع معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي ومقره تل أبيب ولندن، ومؤسسة “ياد فاشيم” للأبحاث في أحداث الهولوكوست، للمساعدة في بناء منهج دراسي جديد، وفقا لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وقال المتحدث باسم مؤسسة “ياد فاشيم”، سيمي ألين، إن “لدينا الآن فرصة للوصول إلى جماهير جديدة، حيث تعمل ياد فاشيم على تمهيد الطريق لنشر الوعي بالهولوكوست في العالم العربي”.
وأضاف لشبكة “سي ان ان”: “في معظم أنحاء العالم الناطق بالعربية، حتى وقت قريب، لم يكن هناك حوار يذكر مع ياد فاشيم حول أحداث وفظائع الهولوكوست”.
وكان تدريس الهولوكوست، غائبا إلى حد كبير عن المناهج المدرسية الحكومية في الدول العربية، لكن الإمارات تضاعف جهودها لنشر الوعي بهذا الحدث التاريخي الفظيع، منذ تطبيع علاقاتها مع إسرائيل عام 2020، في إطار اتفاقيات إبراهيم.
وزار وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد، مع نظيره الإسرائيلي النصب التذكاري الرئيسي للمحرقة ببرلين في أواخر عام 2020.
وفي عام 2021، افتُتح أول معرض تذكاري للهولوكوست في المنطقة العربية في دبي، كما قام المسؤول الإماراتي العام الماضي، بزيارة حظيت بتغطية إعلامية كبيرة إلى ياد فاشيم، حيث وضع إكليلًا من الزهور.
وفي مقال نُشر على صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية عام 2021، كتب رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والعلاقات الخارجية في المجلس الوطني الاتحادي لإمارة أبوظبي، علي النعيمي، أن المناهج الدراسية في العالم العربي “حذفت أجزاء مهمة من التاريخ في الغرب”، بما في ذلك الهولوكوست لفترة طويلة جدا.
وقال إن المسلمين “يجب أن يحرروا أنفسهم من أعباء التاريخ للمضي قدمًا نحو المستقبل”.
في هذا الجانب، ترى كريستين سميث ديوان، الباحثة المقيمة في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، إن هذه الخطوة “ثمرة طبيعية لاتفاقات إبراهيم”.
وقالت في تصريح لشبكة “سي إن إن”: “تعمل قيادة الإمارات على هندسة التغيير الثقافي لدعم أهدافها الاستراتيجية”، مضيفة أن “احتضان التنوع العرقي تزامن مع مع توسع القوى العاملة العالمية، وساعد الحوار بين الأديان في مواجهة الإسلاموية والتطرف الديني”.
ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت خطوة الإمارات، ستنطبق فقط على المدارس الحكومية أو مئات المدارس الخاصة في الدولة، حيث لم تستجب وزارة التربية والتعليم الإماراتية لطلب “سي إن إن” للتعليق حتى وقت النشر.
ويمثل الأجانب ما يقرب من 90 بالمئة من سكان الإمارات البالغ عددهم حوالي 10 ملايين نسمة، وفقا لبيانات البنك الدولي، وكثير منهم يرسلون أطفالهم إلى مدارس القطاع الخاص التي تدرس مناهج دولية، غالبا ما تتضمن تعليم الهولوكوست.
والتزم الإماراتيون على وسائل التواصل الاجتماعي الصمت، إلى حد كبير بشأن قرار تدريس الهولوكوست، لكن عبدالخالق عبدالله، الأكاديمي الإماراتي البارز وأستاذ العلوم السياسية، علق على الإعلان في تغريدة، قائلا إنه لا داعي لهذه الخطوة.
وكتب على تويتر: “تكرر الحديث من جديد عن إضافة موضوع الهولوكوست في مناهجنا المدرسية رغم عدم وجود أي قيمة وطنية وإضافة تربوية وحاجة معرفية لتدريس الهولوكوست”، بحسب تعبيره.
تكرر الحديث من جديد عن اضافة موضوع الهولوكوست في مناهجنا المدرسية رغم عدم وجود أي قيمة وطنية واضافة تربوية وحاجة معرفية لتدريس الهولوكوست. اتمنى ان يصدر نفي صريح لهذا الحديث من الجهات المسؤولة.
— Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) January 10, 2023
وانتقد عدد من المعلقين من دول عربية أخرى الخطوة، حيث اتهم البعض الإمارات بتسليم السيطرة على مناهجها الدراسية إلى إسرائيل، بينما تساءل آخرون عما إذا كان ذلك سيأتي على حساب تدريس تاريخ الفلسطينيين، ولا سيما النكبة، التي تشير، إلى قيام دولة إسرائيل عام 1948.
وأكدت الإمارات، التي تضم جالية فلسطينية كبيرة، في تقارير إعلامية محلية إن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، لن يؤثر على التزامها بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأظهرت استطلاعات، أن الرأي العام في الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات يعارض توجه حكوماتها.
وكشفت نتائج استطلاع أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في يوليو 2022، أن “أكثر من 70 بالمئة في الإمارات والبحرين لديهم نظرة سلبية للتطبيع”.
ولا تحظى اتفاقيات إبراهيم بالشعبية في الدول العربية الأخرى، بحسب الشبكة، ويظهر استطلاع للرأي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات ومقره قطر، الأسبوع الماضي، أن 7.5 بالمئة فقط من العرب يؤيدون التطبيع، بينما اعتبر 84 بالمئة، أن إسرائيل هي أكبر تهديد للمنطقة العربية، تليها الولايات المتحدة ثم إيران.
ولم يشمل الاستطلاع، الذي شارك فيه أكثر من 33 ألف شخص في 14 دولة عربية، الإمارات.
ويبرز محللون أنه على الرغم من الفجوة بين وجهات النظر الرسمية والشعبية بشأن إسرائيل، يبقى من المرجح أن تمضي الإمارات قدما في تعزيز علاقاتها مع إسرائيل.
في هذا السياق، قالت كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، دينا إسفندياري، “قد لا يكون الإماراتيون متفقين بالكامل، لكن قيادة البلد، قررت أن هذا هو المسار الذي ستسلكه، وبالتالي ستستمر في القيام بذلك”.
وأضافت لشبكة “سي إن إن”: “إنهم يعتقدون أن لديهم تأثيرا أكبر على إسرائيل والعمل الإسرائيلي من خلال الحفاظ على هذه العلاقات الجيدة”.
من جهتها، قالت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربي، إن “بعض الإماراتيين لن يرتاحوا للتنسيق مع مؤسسة إسرائيلية في مجال حساس مثل التعليم، لأن هناك تعاطفا شعبيا مع محنة الفلسطينيين”.
وأضافت: “لكن هذا لا ينبغي أن ينفي قيمة وأهمية فهم الحقائق التاريخية وسياق الهولوكوست، حيث إن المعلومات المضللة مشكلة لا تخدم أحدا”.