ترتبط الولايات المتحدة والسعودية بشراكة قديمة، خاصة على الصعيد الأمني، وذلك رغم عدد من الأزمات التي شابت العلاقات بينهما.
والجمعة، اتهم تقرير استخباراتي أميركي حول اغتيال الصحفي، جمال خاشقجي، في 2018، ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بأنه “أجاز” العملية. ولم يُكشف النقاب عن التقرير في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، ورُفعت السرية عنه، الجمعة.
ولم تفرض واشنطن عقوبات على محمد بن سلمان تجنبا لإحداث “قطيعة” مع السعودية، الحليف الرئيسي الذي رفض “رفضا قاطعا” التقرير.
شراكة منذ 1945
أدى اكتشاف احتياطيات النفط الضخمة، نهاية الثلاثينيات، في الصحراء السعودية إلى منح المملكة مرتبة الشريك الحيوي للولايات المتحدة.
وفي 14 فبراير 1945، جرى التوصل إلى الشراكة بين الجانبين خلال لقاء تاريخي بين الملك، عبد العزيز آل سعود، والرئيس فرانكلين روزفلت على متن البارجة “يو أس أس كوينسي” في قناة السويس. ويوفر الاتفاق للمملكة حماية عسكرية مقابل الإقرار بامتياز الوصول إلى النفط.
سلاح النفط
في 16 أكتوبر 1973، بعد 10 أيام من اندلاع الحرب بين دول عربية وإسرائيل، حولت الدول العربية في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” بقيادة الرياض النفط إلى سلاح، ورفعت سعره بنسبة 70 في المئة وفرضت حظرا نفطيا امتد ما بين أكتوبر 1973 ومارس 1974 على داعمي إسرائيل، ولا سيما الولايات المتحدة.
تعاون، اعتداءات
وبعد غزو العراق برئاسة صدام حسين للكويت، في أغسطس 1990، سمحت السعودية بنشر مئات الآلاف من القوات الأميركية في أراضيها. وشكلت الأراضي السعودية قاعدة للتحالف الدولي الذي قادته واشنطن لطرد القوات العراقية الغازية.
وفي السنوات اللاحقة، أقلعت طائرات التحالف من قواعد عسكرية في البلاد لتطبيق “منطقة حظر جوي” فوق جنوبي العراق، ما أثار غضب المتشددين السعوديين الذين شنوا هجومين على المصالح الأميركية في الأراضي السعودية، منتصف تسعينيات القرن الماضي.
11 سبتمبر
بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، التي تبناها “تنظيم القاعدة”، عانت العلاقات الثنائية من أخطر نكسة لها: 15 سعوديا من أصل 19 مهاجما قاموا بتحويل مسار طائرات في الهجمات التي تسببت بمقتل قرابة ثلاثة آلاف شخص.
ونددت السعودية بالهجمات، ولكن المملكة اتُهمت بتمويل التطرف الإسلامي.
وسحبت واشنطن معظم قواتها الجوية المتبقية في المملكة، ونقلت مقرها العسكري الإقليمي إلى قطر.
أزمة في عهد أوباما
وفي أكتوبر 2013، أعلنت الرياض رفضها شغل مقعد في مجلس الأمن الدولي في خطوة غير مسبوقة، ولكنها جاءت للاحتجاج على ما اعتبرته “تقاعسا” من مجلس الأمن وواشنطن في النزاع السوري.
ولم تُخفِ الرياض التي تدعم المتمردين الذين يقاتلون ضد نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، غضبها إزاء تراجع أوباما في سبتمبر عن توجيه ضربات ضد النظام السوري.
وجاء الاتفاق النووي الموقع مع إيران في 2015 ليعمق الخلافات مع الرياض.
دعم في عهد ترامب
رحبت الرياض بوصول دونالد ترامب إلى الرئاسة. وفي مايو 2017، اختار ترامب السعودية ليقوم بأول رحلة رئاسية له، حيث لقي استقبالا حارا، ودعا خلال الزيارة إلى “عزل” إيران.
وأعلن البلدان عن عقود عسكرية ضخمة تتجاوز قيمتها 380 مليار دولار، بينها 110 مليارات لبيع أسلحة أميركية إلى الرياض.
وفي 20 مارس، استقبل ترامب ولي العهد، محمد بن سلمان، في البيت الأبيض وأشاد بـ “صداقة رائعة”.
وفي 20 نوفمبر، قال ترامب إن محمد بن سلمان قد يكون على علم بجريمة قتل خاشقجي، لكنه أكد أن واشنطن “تنوي البقاء شريكا ثابتا للمملكة العربية السعودية”.
إعادة ضبط
في 4 فبراير 2021، دعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى “إنهاء” الحرب في اليمن، ووضع حد لـ”مبيعات الأسلحة” للتحالف بقيادة السعودية.
وفي 12 فبراير، سحبت واشنطن المتمردين اليمنيين المدعومين من إيران من قائمتها لـ”المنظمات الإرهابية”.
وفي 16 فبراير، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي يريد “إعادة ضبط” العلاقات مع السعودية، وأنه سيجري محادثات مع الملك، سلمان بن عبد العزيز، وليس مع ولي العهد، محمد بن سلمان.
وفي 26 فبراير، كُشِف النقاب عن التقرير الاستخباراتي الأميركي حول مقتل خاشقجي.