يحتاج إيلون ماسك إذا أراد نجاح استحواذه على Twitter “تويتر”، إلى إيجاد طريقة لمضاعفة حجم الشركة، التي تُعتبر صغيرة بالنسبة لحجمها في عالم الثقافة ومجال السياسة، حيث وضع نصب عينيه نموذج “التطبيق الفائق” WeChat، الذي تملكه Tencent “تينسنت” الصينية.
نموذج WeChat
آخر الأخبار
في أول اجتماع مفتوح لماسك مع موظفي تويتر الأسبوع الماضي، ذكر مباشرة WeChat، مشيرًا إلى أن بناء شيء مماثل من شأنه أن يعزز هدفه الأوسع في زيادة قاعدة مستخدمي تويتر خمس مرات، لتصل إلى مليار شخص.
وقال في الاجتماع: “لا يوجد ما يعادل WeChat خارج الصين. هناك فرصة حقيقية لخلق ذلك.”
قد يبدو الكثير مما يقوله ماسك غريباً (ناقش مثلًا في الاجتماع إمكانية وجود كائنات فضائية)، ولكن تفكيره في WeChat ليس جديدًا بشكل خاص.
أثار نجاح WeChat إعجاب العديد من أقطاب وادي السيليكون، وكان ماسك آخرهم.
كمجموعة، نظروا بحسد إلى نموذج أعمال WeChat الواسعة، الذي يجمع بين وسيلة التواصل الاجتماعي، وتطبيق المدفوعات، دون الاعتماد على عائدات الإعلانات، هذا السيل الضعيف والمتقلب من الإيرادات الذي يغذي الكثير من أعمالهم.
ومع ذلك، فقد وجدوا صعوبة كبيرة في إنتاج نسخة أميركية من التطبيق الفائق.
كيف أصبح تطبيق WeChat تطبيقًا فائقًا
يقول يوتشين تشاو، شريك في GSR Ventures: “يعمل التطبيق الفائق باعتباره تطبيقًا يمكنك من إنجاز الكثير من المهام المختلفة، حتى تلك التي قد لا تعتقد بالضرورة أنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ببعضها البعض. كل ذلك مرتبط بسلوك المستهلك اليومي وحياة المستهلك اليومية.”
في عام 2011، كانت تينسنت شركة بارزة في قطاع الإنترنت، أسسها الملياردير بوني ما قبل 15 عامًا.
لكن سلوك المستخدم كان يتغير ويتحول نحو الهواتف المحمولة، مما أدى إلى تقادم تطبيق المراسلة من تينسنت، وهو برنامج يشبه AOL Instant Messenger. طرح مطور تينسنت، آلان تشانغ، فكرة تطبيق محادثة محمول بسيط يشمل العديد من أعمال تينسنت.
يُنظر إلى تشانغ اليوم على أنه شخص لديه بصيرة واسعة، ويضم WeChat أكثر من مليار مستخدم، مما يجعله بنفس حجم TikTok “تيك توك” وInstagram “انستغرام” (على الرغم من أنه لا يزال نصف حجم WhatsApp “واتساب”).
على المستوى الأساسي، يوفر WeChat مكالمات صوتية، ومرئية، ورسائل نصية فردية، بالإضافة إلى القدرة على إنشاء مجموعات تحتوي على ما يصل إلى 500 شخص.
يتذكر تشاو “لقد نزلت WeChat لأول مرة في عام 2013. كنت أدرس في جامعة هارفارد، وقابلت صديقتي آنذاك – الآن زوجتي – التي أخبرتني عنه. بدأنا نراسل بعضنا البعض على هذا التطبيق. ثم أضفت والداي عليه، وأدركت أنه لأول مرة، يمكننا في الواقع التواصل مع الأسرة. وعندما ذهبت إلى العمل في بكين من عام 2016 إلى عام 2018، تعرفت على نظام التطبيق بشكل جيد.”
يمتد نظام WeChat إلى ما هو أبعد من التواصل.
فتح تطبيق WeChat بابه للمطورين الخارجيين، وهو مليء بالتطبيقات المصغرة، أكثر من مليون منها، تجذب 200 مليون مستخدم يوميًا.
هذه التطبيقات وغيرها التي طورتها WeChat، مثل خدمة الدفع عبر الانترنت الشبيهة بتطبيق PayPal، تربط كل جانب من جوانب الحياة في الصين من خلال رموز الاستجابة السريعة: طلب سيارة أجرة، وشراء البقالة، وحجز زيارة لدى الطبيب، وشراء التأمين.
تحصل WeChat على أرباح من خلال الإعلانات وتقتطع نسبة من الأموال التي تتدفق من خلال التطبيق.
إنه انتصار تجاري، ولكن لابد وأن يتواجد جنباً إلى جنب مع الرقابة الصينية.
يتبع التطبيق القواعد الصارمة للحكومة، وهي جزء مما يسمى شعبياً “جدار الحماية العظيم”، وهو حاجز بين مستخدمي الإنترنت الصينيين والمواقع الأجنبية.
في عام 2020، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب حظر WeChat وتيك توك، مشيرًا إلى مخاوف بشأن كيفية إدارة الشركتين للبيانات وحاجتهما إلى تلبية متطلبات الحكومة الصينية.
قد يتذكر الناس فقط جهود ترامب ضد تيك توك، وهذا طبيعي، إذ يتفوق وجود تيك توك في أميركا بشكل كبير على WeChat، والكثير من خدمات WeChat ليست متاحة إلا في الصين.
أسقطت إدارة بايدن فكرة الحظر، على الرغم من أنها قالت إنها تفكر في قواعد جديدة للتطبيقات الأجنبية.
محاولات أميركية لإنجاز التطبيق الفائق
حاول منافسو تويتر من قبل الوصول إلى بعض مجد WeChat.
في عام 2019، قال مارك زوكربيرغ إنه سيحول بعض اهتمام Facebook “فيسبوك”من الرسائل العامة إلى الرسائل الخاصة، وهو اعتراف ضمني بأن ما تفعله WeChat يعمل بشكل جيد.
في هذه الأثناء، قام إيفان شبيغل بفتح الأبواب على مصراعيها في Snapchat “سناب شات”، مما شجع المطورين على المساهمة بتطبيقات حول الواقع المعزز، وهي خطوة تشبه بشكل لا لبس فيه WeChat التي تشجع التطبيقات المصغرة.
فلماذا لم تتحول فيسبوك أو سناب شات إلى تطبيقات فائقة؟
كافحت الشركات الأميركية إلى حد كبير لربط جزء المدفوعات كما في نظام WeChat بنظامها البيئي.
لقد حاولوا سابقًا، وما زالت الرغبة قائمة للمحاولة مجددًا.
حاولت فيسبوك وفشلت مع العملة المشفرة، مشروع ليبرا، ولكن يقال إنها تعمل على إضافة عملات افتراضية أخرى وخدمات الإقراض.
في العام الماضي، فكرت Pinterest في بيع نفسها إلى PayPal مقابل 45 مليار دولار، وهي صفقة ترتكز على نفس الاستراتيجية.
واستفادت انستغرام من أدوات التسوق الموسعة، بما في ذلك القدرة على الدفع من خلال تطبيقها.
مرة أخرى، نفس الاستراتيجية: المدفوعات، وسائل الإعلام، الرسائل.
عامل بسيط يمنع من الوصول إلى التطبيق الفائق
قد يكون عاملًا بسيطًا هو ما يمنعهم جميعًا من التحول إلى تطبيقات فائقة.
لقد تأخر اعتماد الولايات المتحدة للمدفوعات عبر الهاتف المحمول بشكل كبير عن الصين.
يستخدم أكثر من 80% من البالغين في الصين مدفوعات الهاتف المحمول.
وفي أميركا، من المرجح أن يكون الرقم أقل من الثلث.
لذلك حتى لو كان لدى انستغرام، وفيسبوك، وسناب شات، ميزات دفع جذابة، فستظل تواجه الطلب الضعيف على مدفوعات الهاتف المحمول، والتي تشكل جزءًا لا يستهان به من نجاح WeChat.
قد يكون جاك دورسي، الرجل الذي أدار تويتر مرتين، قد فهم بدقة الإمكانيات المفترضة للتطبيق الفائق.
ففي المرة الثانية التي شغل فيها منصب الرئيس التنفيذي لشركة تويتر، كان أيضًا رئيساً تنفيذياً لشركة Block “بلوك”، وهي الشركة التي تقف وراء شركة Square “سكوير”، وشركة CashApp “كاش آب”.
يمكن القول إن هذين الجهدين التوأمين قد أتاحا له فرصة أكبر لدمجهما بتطبيق فائق، أكثر مما أُتيح لأي من منافسيه، لكنه لم يفعل ذلك قط، وهو ما يُظهر كيف يرى دورسي فرص نجاح تطبيق فائق في الولايات المتحدة.
ثم الآن، ها هو ماسك، الذي أمضى ثلاثة عقود في التفكير في المدفوعات الرقمية، بالإضافة إلى المدارات القمرية، والبطاريات التي تعمل على الطاقة الشمسية (للتذكير، قد شارك ماسك في تأسيس PayPal)، وهذا شيء مهم.
وربما كان لدورسي إمكانية الوصول إلى البنية التحتية للتكنولوجيا المالية التي لم تكن بمتناول ماسك، لكن يبدو أن ماسك لديه شيء لم يكن لدى دورسي، وهو شيء ربما أكثر أهمية: الشغف لجعل تويتر أكبر.
بالتأكيد، فقد خطط دورسي لنمو تويتر.
لكن الخطط كانت مدفوعة جزئيًا على الأقل بضغط من مساهم خارجي آخر، Elliott Management.
وحتى بعد أن أجبرت Elliott Management دورسي على القيام بتنفيذها، كانت خطط دورسي لا تزال أصغر بعدة درجات مما اقترحه ماسك.
توقع دورسي مبيعات بقيمة 7.5 مليار دولار بحلول العام المقبل، بينما توقع ماسك ما يقارب من 30 مليار دولار بحلول عام 2028.
فالإعلانات وحدها من غير المرجح أن تؤدي إلى وصول تويتر إلى 30 مليار دولار، وخاصة مع اقتراب الاقتصاد على ما يبدو من الدخول في حالة ركود، وهو ما لا يشكل أبداً أرضية طيبة لأعمال الإعلانات (بالإضافة إلى ذلك، هناك مشكلة ناجمة عن تعديلات Apple “أبل” لبرمجيتها والتي جعلت إعلانات الجوال أقل ربحية في الوقت الحالي).
ربما يمنح ذلك ماسك حافزًا أكثر من أي شخص آخر لتطوير تطبيق فائق.
بالطبع، هناك جانب سلبي محتمل للتطبيق الفائق، كما يشير المستشار في الاقتصاد الصيني في Center for Strategic and Intelligence Studies، سكوت كينيدي، ولكن هذا الجانب لا ينطبق على الصين التي لا تطبق نفس نظام الرأسمالية كما في الولايات المتحدة.
إذا فعل ماسك ما لم تتمكن وادي السيليكون من فعله، وحصل على تطبيقه الفائق، فستكون هذه عملية تجارية كبيرة. نعم! هذا تمامًا ما يريده ماسك. فالكبير جيّد، إلا إذا كان هناك احتمال أن لا يكون في الواقع جيدًا…
يقول كينيدي: “أحد الانتقادات حول WeChat هو ميولها الاحتكارية. لدينا بالفعل هذه الأنواع من المخاوف حول فيسبوك، وأبل، وغيرها. أعتقد أن التطبيق الفائق سيواجه عقبات من قبل هيئات مكافحة الاحتكار، والهيئات المناهضة للمنافسة في الولايات المتحدة.”
المصدر: فوربس
